عندك فكرة عنه؟

هو شعور انساني

أيش هو التعلق المضطرب؟ هو نمط من التعلّق فيه تناقض داخلي: النفس تشتّي قرب، بس تخاف منه. العلاقة تصير ساحة ارتباك، فيها شدّ وجذب، فيها رغبة في الاحتواء، وخوف من الانكشاف. هو لما الأمان يصير مربك، والحب يصير مرتبط بالخطر.

ليش نحس فيه؟ نحس فيه لما نكبر في بيئة فيها تهديد أو إهمال أو استجابة مؤذية. لما الشخص اللي مفروض يحمينا، هو نفسه مصدر الخوف أو الألم. النفس تتعلّم إن القرب ممكن يوجّع، بس البُعد يوجّع أكثر، فتعيش في صراع داخلي دائم. بحسب العالِمتين Main & Solomon، هذا النمط يتكوّن غالبًا عند الأطفال اللي واجهوا صدمات أو علاقات فيها عنف أو اضطراب شديد في الاستجابة.

أيش علاماته؟ علامات التعلّق المضطرب تظهر كتناقض داخلي مؤلم، كأن النفس تمشي في اتجاهين متعاكسين في نفس اللحظة. الشخص يشتّي قرب، بس لما يقرّب، يحس بخوف أو ارتباك، فينسحب… ثم يرجع يشتّي القرب من جديد. العلاقة تصير ساحة صراع: فيها لهفة وقلق، بس كمان فيها تجنّب وانسحاب. يتصرّف أحيانًا بحب شديد، وأحيانًا ببرود مفاجئ، وكأن مشاعره ما تعرف تستقر. يحس إنه ما يستحق علاقة آمنة، أو إنه دايمًا مهدّد بالرفض، حتى لو الطرف الآخر واضح وموجود. غالبًا يكون عنده صعوبة في فهم مشاعره أو التعبير عنها، وكأن داخله في دوامة ما تهدأ. وفي لحظات القرب، بدل ما يرتاح، يحس بتوتر، كأن القرب نفسه يفتح ذاكرة قديمة فيها خوف أو ألم. هو مش بس قلق، ولا بس تجنّب… هو مزيج مربك من الاثنين، والنفس تحاول تتنفس وسط هذا التناقض.

أيش الرسالة اللي التعلق المضطرب يشتي يوصلها لنا؟ "أنا أشتّي قرب، بس القرب يخوّفني… فهل ممكن تكون موجود، بس بدون ما تجرح؟" هو نداء مشوش، فيه لهفة وفيه انسحاب، فيه رغبة في الاحتواء، وخوف من الانكشاف. النفس تحاول تقول: "أنا ما تعلّمت إن الحب آمن، فكل مرة تقرّب، جسمي يتأهّب، وعقلي يرتبك." هو مش رفض للعلاقة، بل خوف من تكرار أذى قديم، من لحظة كان فيها القرب مرتبط بالألم، مش بالاحتواء. وفي عمق هذا النمط، في سؤال يهمس: "هل ممكن أكون محبوب، بدون ما أكون مهدّد؟ هل ممكن أرتاح في علاقة، بدون ما أضيع فيها؟" هو مش خلل في القدرة على الحب، هو أثر لتجربة ما لقيت تفسير، فصارت كل علاقة تحتاج طمأنة مضاعفة، واحتواء غير مشروط.

أيش اللي نحتاجه؟ مش بس نحتاج أدوات نفسية… نحتاج إعادة بناء الأمان من جذوره، وبطريقة تخلّي النفس تصدّق إن القرب ما عاد يوجّع. نحتاج علاقة فيها وضوح، فيها استجابة ثابتة، ما تتذبذب ولا تختفي وقت الاحتياج. نحتاج أحد يقول لنا: "أنا هنا، حتى لما ترتبك، حتى لما تنسحب، حتى لما تخاف." نحتاج نهدّي الجسد، لأنه يحمل ذاكرة الخوف، حتى لو العقل يحاول يثق. نحتاج نسمح لأنفسنا نعيش القرب بدون تأهّب، بدون تحليل مفرط، بدون انتظار الخطر. نحتاج نعيد تعريف الحب: مش شي نكسبه، ولا شي نخاف منه… بل شي نقدر نرتاح فيه، ونكون. وفي العمق، نحتاج نسمع النفس وهي تقول: "أنا تعبت من التناقض… هل ممكن أرتاح؟ هل ممكن أكون بأمان؟" والجواب يبدأ لما نختار علاقة ما تبني فوق الجرح، بل تحتويه، وتخلّي التعافي ممكن، خطوة خطوة، وبنقدر نتعافي ونعيد نبني الامان بسهولة اكثر لو كان معنا مختص نفسي يعيننا ويساندنا ويكون معنا خطوة بخطوة.

كيف نستفيد من الجزء الحلو فيه؟ التعلّق المضطرب يكشف لنا عمق احتياجنا للأمان، ويخلينا نكون حسّاسين جدًا لأي تغيّر. هو فرصة نعيد بناء علاقتنا بالحب، من مكان واعي، مش من مكان جريح. ولما نشتغل عليه، نقدر نكون شركاء يفهموا التعقيد، ويقدّروا الاستقرار.

كيف نتخلص من الجزء السيء فيه؟ نتخلّص من الجزء السيء في التعلّق المضطرب لما نهدّي الخوف اللي يقول: "القرب خطر". نسمح للنفس ترتبك، بس ما نهرب. نختار علاقات فيها وضوح، ونسمح للطمأنة تدخل ببطء، بدون ضغط. نهدّي الجسد، ونطمنه إن الماضي انتهى، وإن القرب اليوم ممكن يكون أمان. ومع الوقت، نكتشف إننا نقدر نحب… بدون ارتباك، بدون خوف، وبدون جدار، ولو ما عرفنا نسوي ذا فساعنخا مافي أكفى، وأجدر من مختص نفسي لطيف يساعدنا نسويه ويعطينا الأدوات اللي تساعدنا ننظم هذا النمط.